العنف يجتاح ملاعب الجزائر والسلطات عاجزة

الجزائر تسعى الى احتواء ظاهرة العنف في الملاعب بتدعيم ترسانتها القان
بعض الأنصار يستعملون وسائل خطيرة خلال احتفالاتهم (الجزيرة-أرشيف)

اجتاحت ملاعب كرة القدم الجزائرية خلال الفترة الماضية موجة من العنف الجماهيري أدت إلى جرح مناصرين وتحطيم منشآت وتجهيزات في الملاعب، وسط عجز من السلطات الرياضية عن وقفه رغم العقوبات المفروضة على الأندية.

وفرضت لجنة الانضباط التابعة للرابطة الجزائرية المحترفة للعبة عقوبات كثيرة على عدة أندية بحرمانها من جماهيرها لعدة مباريات إضافة لغرامات مالية.

وتسببت أحداث الشغب -التي شهدها ديربي العاصمة السبت الماضي بين مولودية الجزائر وشباب بلوزداد- في إصابة خطيرة لأحد المشجعين بسبب استعمال جهاز الإشارة الخاص بالبحّارة وصيادي السمك.

كما أظهرت صور التقطها أحد الهواة تعرض أحد مشجعي مولودية وهران للضرب المبرح من طرف مجموعة من أنصار مولودية بجاية خارج الملعب.

وقال العضو السابق للمكتب الفدرالي باتحاد كرة القدم محمد بوكاروم إن العنف بالملاعب "مشكلة ثقافية بالدرجة الأولى" وأوضح للأناضول أن "الملاعب الجزائرية كانت سابقًا للترويح عن النفس والتسلية والمشاهدة، لكن مع هذا الجيل تغيرت الأمور كثيرًا، شباب اليوم يتوجهون للملعب لتفريغ كل شيء عندهم هناك، مع ما يصاحب ذلك من كوارث".

وأكد بوكاروم أن "العقوبات الحالية الممثلة في اللعب من دون جمهور والغرامات المالية لن تأتي بأي نتيجة وسيستمر الوضع على حاله" وأعرب عن اعتقاده أن الحل يكمن في "أخذ زمام المبادرة واتخاذ قرارات صارمة والضرب بيد من حديد ضد المشاغبين".

ودعا إلى "تحديد المشاغبين عن طريق كاميرات المراقبة، واعتماد نظام إبعادهم عن الملاعب وحرمانهم من متابعة مباريات فريقهم المحلية، أو التنقل معه خارج الديار، إضافة لفرض نظام رقابة قضائية عليهم، وضرورة توقيعهم بصفة منتظمة في مراكز الشرطة".

غير أن بوكاروم قال في الوقت نفسه إن "الذين يثبتون توبتهم وعزوفهم عن العنف يمكن السماح لهم مجددًا بدخول الملاعب".

شغب في أحد ملاعب كرة القدم بالجزائر (الجزيرة-أرشيف)
شغب في أحد ملاعب كرة القدم بالجزائر (الجزيرة-أرشيف)

من جهته، يرى رئيس المنظمة الوطنية الجزائرية للصحفيين الرياضيين يوسف تازير أن "العنف في الملاعب أصبح خطرًا يهدد مستقبل كرة القدم في الجزائر لأن الظاهرة -ورغم الإجراءات المتخذة- في تصاعد مستمر ومخيف".

ويرى تازير أن "أسباب العنف متعلقة بالمجتمع ككل وليس فقط بتعصب المناصرين والفرق الرياضية، العنف في الملاعب يعكس حقيقة ما يجري في المجتمع" لكنه أكد أن "هذا لا ينفي مسؤولية المؤسسات والهيئات الرسمية، لأن هناك تساهلًا من الهيئات الرياضية وحتى من المؤسسات المكلفة بحفظ الأمن العام".

ويعتقد أن الإعلام الجزائري ورابطات المشجعين مسؤولون أيضا عن مكافحة ظاهرة العنف، وأضاف أن "رابطات المشجعين وجمعيات الأنصار غير موجودة على الميدان بل غائبة تمامًا".

وقبل انطلاق الموسم الجاري، أعلنت الشرطة الجزائرية انسحابها من تأمين ملاعب كرة القدم، وتم تكليف مدنيين للقيام بالمهمة، إلّا أنه سرعان ما عادت الشرطة إلى الملاعب بعد موجات العنف التي طالت الدوري منذ جولاته الأولى.

جماهير جزائرية في مباراة سابقة
جماهير جزائرية في مباراة سابقة

من جانبه، يرى مدير نشر صحيفة ماركا سبور الرياضية رفيق حريش أن الإجراءات المتخذة من الرابطة الجزائرية المحترفة بحرمان الفرق من جماهيرها غير فعالة ولن تحد من تنامي الظاهرة، ودعا الرابطة الوطنية لكرة القدم للتنسيق مع مصالح الشرطة ومسؤولي الأندية.

وطالب حريش بتفعيل دور لجان الأنصار وإبعاد الأنصار المتورطين في حوادث العنف وحرمانهم من الدخول للملاعب، وأكد ضرورة القيام بحملات توعوية من أجل إعادة الأمن للملاعب الجزائرية التي أصبحت تشبه "ميادين الحروب".

ومن جهة أخرى، هدد الاتحاد الجزائري لكرة القدم -خلال اجتماع له يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري- باتخاذ إجراءات ردعية صارمة ضد الفرق التي تتورط في العنف.

وأكد في بيان له أن سقف العقوبات يمكن أن يمتد إلى حد غلق الملعب التابع للفريق، أو إجراء المباريات في ملعب محايد وبمدرجات شاغرة حتى انتهاء الموسم الجاري 2016-2017.

وحث الاتحاد رؤساء الأندية والمدربين واللاعبين والمشجعين على التحلّي بالروح الرياضية، وتجفيف منابع العنف والشغب في الميادين، والمساهمة في رفع المستوى الفني للمباريات.

المصدر : وكالة الأناضول