قراءة "الفاتحة" بالمونديال تثير جدلا بتونس

Soccer Football - World Cup - Tunisia Training - Volgograd Arena, Volgograd, Russia - June 17, 2018 Tunisia coach Nabil Maaloul during training REUTERS/Ueslei Marcelino
أثارت تعليقات إعلاميين على مقطع فيديو يظهر لاعبي المنتخب التونسي لكرة القدم والجهاز الفني وهم يتلون سورة الفاتحة قبيل خوض أولى مبارياتهم في المونديال جدلا في تونس.

وانتقد محلل سياسي يعمل في برنامج صباحي على راديو "شمس أف أم" الخاص سلوك لاعبي المنتخب التونسي وإطاره الفني، معتبرا أن قراءتهم سورة الفاتحة قبل خوض المباراة "بدعة وشعوذة".

بينما اعتبر باحثون وصحفيون تونسيون أن هذا الجدل مفتعل، وأن ما فعله اللاعبون هي ممارسة شخصية وعقدية ودينية دارجة لدى كل الفرق الرياضية من جنسيات وديانات أخرى.

وشنّ المحلل السياسي لراديو "شمس أف أم" مختار الخلفاوي هجوما عنيفا على منتخب بلاده ومدربه نبيل معلول في أعقاب الهزيمة التي تلقاها نسور قرطاج في أولى مبارياته بكأس العالم الجارية في روسيا.

وقال الخلفاوي ساخرا إن "الهدف هدية من الحكم، والأداء كان متواضعا جدا، واللاعبون يقومون بالدفاع، ونبيل معلول يقرأ القرآن واللاعبون أيضا، من يلعب ضربة جزاء عليه أن يقرأ القرآن"، واعتبر ما قام به منتخب تونس من قراءة القرآن والصلاة على النبي عليه السلام من "البدع والشعوذة".

من جانبه اتهم الإعلامي محمد بوغلاب، الذي يشارك الخلفاوي تقديم برنامجه، المدرب معلول بالرياء، عازيا هزيمة المنتخب إلى "مواظبة نبيل معلول على الصّلاة وقيامه بالدعاء وقراءة القرآن سواء أثناء حصص التدريب أو أثناء المباريات عوض قراءة الخصم والإعداد جيدا للمباراة".

وكتب بوغلاب مقالا تحدث فيه عن المنتخب والمدرب نبيل معلول قائلا "مدرب قضى جل المباراة وهو يقرأ القرآن، وكأن الترشح (التأهل) يمر عبر جامع الزيتونة أو الأزهر الشريف".

وأضاف في مقاله "نسي الكوتش (المدرب) أن الفوز يتطلب إعداد الخطط المناسبة لهزم منتخب بطولته هي الأقوى في العالم (إنجلترا)، ولكنه فعل مثل شيوخ الأزهر الذين كانوا يقرؤون صحيح البخاري ودلائل الخيرات وكتب الصوفية حين كانت مدافع نابليون بونابرت تدك أسوار القاهرة أواخر القرن الثامن عشر الميلادي".

في المقابل، يرى الباحث في الحضارة العربية سامي براهم أنه "بالمعنى السوسيولوجي والأنثروبولوجي كل الثقافات تعبّر عن نفسها من خلال معتقداتها.. هذا النوع من السلوك للاعبين ليس سلوكا شاذا، بل تمارسه فرق رياضية من دول وديانات أخرى".

وقال براهم إن "الانطلاق من تعبيرات دينية في أعمال مهمة هو سلوك دارج وموجود في مباريات رياضية وامتحانات كبرى وأعمال مسرحية، وهذا السلوك فيه نوع من التبرّك والاستعانة وبعث الاطمئنان في النفس".

ولفت براهم إلى أن "السؤال المطروح في علاقة بالمنتخب التونسي هو: هل كان هناك قصد من طرف مدرب المنتخب لإظهار تلك اللقطة لأنها تندرج ضمن سلوك خاص وليست جزءا من التدريب والعمل الرياضي أم أن المسألة كانت عفوية نقلت بشكل تلقائي لبعث الاطمئنان في الجمهور".

واعتبر أن "الجدل الذي أثارته هذه المسألة هو نفسه الجدل الذي يحدث عندما يقع التعبير عن الهوية في الفضاء العام"، وأشار إلى أن الفصل بين الشأن العام والمسائل الدينية هي قضية مطروحة لدى دوائر من النخبة التونسية".

رد مكسيكي
بدورهم تداول ناشطون تونسيون على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر سيدة مكسيكية وهي "تصلّب" على وجوه اللاعبين في منتخب المكسيك من أمام شاشة تلفازها قبيل دقائق من بدء مباراتهم ضد ألمانيا.

وفي الفيديو الذي نشرته حفيدتها ولاقى مئات آلاف التعليقات وإعادة النشر، كانت جدّتها تقوم بإشارة الصليب على وجه كل لاعب ظهر قبل المباراة، كنوع من إعطاء البركة والدعاء لهم بالفوز على ألمانيا، فيما قال مكسيكيون على تويتر عقب المباراة إن التعميد كان "سبب الفوز" على بطل العالم، ألمانيا، بهدف وحيد.

وتساءل تونسيون عن الدافع وراء الهجوم على اللاعبين التونسيين لقراءتهم الفاتحة فيما لم تتعرض السيدة المكسيكية لأي هجوم أو اتهام بالشعوذة، بل على العكس تم الاحتفاء بها.

من جانبه اعتبر الكاتب الصحفي التونسي الحبيب بوعجيلة أن الجدل الدائر "نوع من افتعال المشاكل والصراعات الوهمية في سياق سياسي توجد فيه معارك وطنية حقيقية يمكن أن يشعر التونسيون بأنهم معنيون بالدفاع عنها وخوضها".

ولاحظ بوعجيلة أن "قراءة اللاعبين لسورة الفاتحة أو لاعب يسجل هدفا فيسجد شكرا لله هي ليست بدعة تونسية بل رأيناها في عدة مباريات رياضية، والعديد من اللاعبين يعبرون بأشكال مختلفة عن معتقداتهم وإيمانهم بالسند الإلهي في المعركة الرياضية التي يخوضونها".

واعتبر أن الجدل الدائر "دليل على هشاشة الجدل الموجود في الساحة السياسية والإعلامية وساحة المدونين في تونس بشكل عام.

المصدر : وكالة الأناضول