شغب الكرة بالمغرب.. آفة "تغتال" اللعبة

حافلة الرجاء لم تسلم من الشغب بعدما طالها الرشق بالحجارة
حافلة فريق الرجاء الرياضي تعرضت للرشق بالحجارة (الجزيرة)

محمد الشرع-الرباط 

واصل المشهد الرياضي بالمغرب إحصاء ضحاياه بعدما خرج مجددا قطار الروح الرياضية عن سكته الصحيحة نتيجة تنامي ظاهرة الشغب التي تعدت حدود الملعب.

ولا تقتصر الظاهرة، التي تنخر الجسد الكروي المغربي وتسجل العديد من الوفيات والجرحى، على الملاعب بعدما اتسعت رقعتها وأضحت تتخذ من الأزقة والشوارع والمدن مجالا خصبا، رفع من درجة الاحتقان ودق ناقوس الخطر.

ولم يكن أكثر المتشائمين من انتشار ظاهرة الشغب يعتقد أن منطقة "جمعة اسحيم" (المتاخمة لمدينة أسفي جنوب الدار البيضاء) الهادئة والبعيدة عن بؤر الشغب والتوتر الكروي، ستكون مسرحا لأحداث دامية كرست الانتشار المهول للآفة.

استمرار الشغب
وامتدت شرارة الغضب لتخلف ما يزيد عن ثلاثين جريحا في أمسية دامية بعدما حل أنصار فريق الوداد الرياضي بمنطقة "جمعة اسحيم" في طريق عودتهم، حيث واجه فريقهم الفتح الرباطي بالدوري المغربي في "ملعب المسيرة" بأسفي نهاية الأسبوع المنقضي.

وقال يوسف، أحد مشجعي فريق الوداد، إن الجماهير تعرضت لوابل من الحجارة بمجرد دخولها المنطقة، موضحا أن الأمر كان فظيعا في مشهد أقرب إلى المعركة.

وأضاف في حديث للجزيرة نت، أن "عشق الفرق يختلف ويفرقنا، لكنه من المؤسف أن يتحول لحقد وكراهية تقود إلى الانتقام وتعرض حياة الناس للخطر".

في المقابل، يقول حسن من سكان "جمعة اسحيم" إن فوجا من جماهير الوداد حلّ بالمنطقة وعاث فسادا في الأرض، وتابع أن بعض المحسوبين على الوداد هاجموا المحلات التجارية وبعض المنازل وخربوا السيارات وخلفوا الذعر والخوف وسط سكان المنطقة الصغيرة.

وأضاف في حديث للجزيرة نت أن "ما حصل كارثة وهجوم لا علاقة له بالكرة بعدما استبيحت أرواح الناس، وبات الرعب عنوانا لمنطقة كانت تنعم بالسلام بعيدا عن ويلات الكرة الملعونة التي لم يتبق منها سوى الشغب".

الجزولي: الشغب اغتال الفرجة وتحول معه التآخي والتعارف إلى حرب أهلية (الجزيرة)
الجزولي: الشغب اغتال الفرجة وتحول معه التآخي والتعارف إلى حرب أهلية (الجزيرة)

استهداف الرجاء
اليوم ذاته لم يكن رحيما بلاعبي فريق الرجاء الرياضي بعدما تعرضت حافلتهم للرشق بالحجارة على بعد عشرين كيلومترا من مدينة أسفي من طرف محسوبين على جمهور فريق الوداد، بحسب المسؤول الإعلامي للفريق الأخضر محمد بلعودي.

وحمل بلعودي المسؤولية كاملة "للجنة البرمجة بالاتحاد المغربي، التي جدولت مباراة فريقنا ومباراة الوداد والفتح في مدينة أسفي وفي اليوم ذاته، وهو ما نعتبره استهتارا بالأرواح ولا مبالاة بسلامة اللاعبين والجماهير".

التنامي المهول لظاهرة الشغب لم تنل منه القوانين الرادعة، ولا العقوبات السالبة للحرية، ولا المنع من دخول الملاعب، وفق ما أكده الإعلامي الرياضي خالد الجزولي، الذي دعا إلى مقاربة تعتمد على الضرب بيد من حديد لكل من تسوّل له نفسه تعريض حياة الغير للخطر تحت مسمى "الكرة" والانتماء.

وقال الجزولي للجزيرة نت إن "ما بات يشهده المشهد الرياضي يثير الاشمئزاز ويدعو للتحسر على ما وصل إليه الوضع الكروي بالمغرب، بعدما اغتال الشغب الفرحة، وتحول التآخي والتعارف إلى حرب أهلية غير مباشرة في مجال يشهد ارتفاع نسبة التعصب بشكل مبالغ فيه".

وطالب الجزولي بمواصلة الحرب على الظاهرة التي قال إنها لم تعد تستهدف جمهور الكرة فقط، بعدما بات سكان المدن والمناطق النائية بدورهم معرضين للأذى نتيجة تصرفات طائشة لجماهير لا تدرك المفهوم الحقيقي للكرة ولا تفقه شيئا في قيمها النبيلة.

المصدر : الجزيرة