تيفو الملاعب بتونس.. لوحات فنية ورسائل للسلطة

لافتة لألتراس الترجي التونسي

مجدي السعيدي-تونس

 

يقف صبري أحد قادة مجموعة "الليدرز" المنتمية لألتراس النادي الأفريقي في قاعة المباحث الأمنية بأحد مراكز الشرطة بالعاصمة تونس للتحقيق معه على خلفية اللافتة التي رفعتها المجموعة خلال مباراة نهائي كأس تونس لكرة القدم.

لا تبدو علامات الخوف على الشاب البالغ من العمر 30 عاما، أثناء مساءلته حول مضمون اللافتة التي تصدرت المنصة الشرفية للرئيس التونسي الباجي قائد السبسي وحملت عبارات "كرهناكم يا حكام، تحاصرون قطر وإسرائيل بسلام" واعتبرتها السلطات لافتة محظورة.

يعود صبري بالذاكرة إلى الحادثة التي شهدتها مباراة نهائي الكأس لسنة 2017، وكانت سببا لخضوعه لتحقيق قضائي مطول وإيقافه ليومين، في حين لقيت اللافتة رواجا كبيرا في وسائل الإعلام ومنصات التواصل.

undefined

يتحدث صبري العطواني للجزيرة نت عن اللافتة التي هزت الأوساط الرياضية والسياسية بتونس في ذلك الوقت قائلا "كرة القدم بالنسبة إلينا وسيلة للتعبير عن مشاغل تتعدى الرياضة لتشمل قضايا راهنة في مجالات عدة، لم نكن نرمي من وراء اللافتة إلا تأكيد موقفنا الثابت من القضية الفلسطينية ورفض حصار قطر وهي قضايا تشغل بال عدد كبير من الناس".

وتحولت مدرجات الملاعب بتونس إلى فضاء مناسب للشباب لإبراز إبداعاتهم الفنية وابتكاراتهم في تقديم أفضل العروض على المدرجات من جهة والتعبير عن مواقفهم من قضايا قومية واجتماعية ودينية من جهة أخرى.

ودأبت مجموعات المشجعين بتونس على إعداد "تيفو المدرجات" التي تطورت عبر السنوات من مجرد تزيين المدرجات بألوان وصور عملاقة للاعبين إلى عمل فني بمضامين متنوعة.

undefined

يجد مبدعو "التيفو" وقادة الألتراس أنفسهم مهددين بالملاحقات الأمنية والقضائية بسبب ما تتضمنه بعض اللوحات من رسائل تنتقد السلطات أو تطالب بإطلاق سراح المشجعين الموقوفين على خلفية أعمال الشغب بالملاعب بحسب مروان أحد أعضاء مجموعة ألتراس الترجي التونسي.

ويتحفظ مروان (30 عاما) على اسمه الكامل ويرفض التقاط صور له مبررا ذلك بالقول "قوانين الألتراس تأبى علينا نشر صورنا، مواقفنا نعبر عنها من خلال لافتات التيفو التي نمولها بأنفسنا ولا نتلقى أموالا خارجية لإعدادها وهي تعبر في الغالب عن قضايا راهنة أو عن أمجاد نادينا".

وأضاف "العداوة التي تطبع علاقتنا بالأمن سببها ملاحقتنا الدائمة ومنعنا من التعبير عن همومنا، أدين كل أشكال العنف داخل الملاعب ولكني أطالب السلطات بألا تقمع فينا حرية التعبير ورفع لافتات معبرة وفنية بذلنا فيها جهدنا ومالنا".

ورفعت جماهير ألتراس الترجي لوحات فنية خلال المباريات الحاسمة لفريقها وآخرها نهائي دوري أبطال أفريقيا أمام الأهلي المصري يوم 9 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي الذي توج في أعقابه فريق الدم والذهب باللقب.

undefined

وفازت لوحات "تيفو" عدد من الأندية التونسية بالمراتب الأولى في التصنيفات التي تقوم بها مواقع متخصصة، ففي سنة 2017 تم اختيار تيفو مجموعة "الليدرز" للنادي الأفريقي "الهوية: جمعية إسلامية" ضمن أفضل عروض المدرجات بالعالم.

يقول عمر الصفاقسي أحد أعضاء المجموعة أن تلك اللوحة التي تصدرت مدرجات "الفيراج" كانت تعبر عن أن الأفريقي أول جمعية إسلامية بتونس في ظل الجدل القائم حول الظروف التاريخية لنشأة النوادي الرياضية في البلاد.

ويضيف عمر (28 عاما) "لوحات التيفو تعبر أحيانا عن تاريخ النادي وعن مشاغل دينية واجتماعية وتكون أحيانا من صميم الحياة اليومية، عبرنا عن مساندتنا للقضية الفلسطينية من خلال "تيفو حنظلة" الطفل الفلسطيني واقتبستا عديد اللوحات من أفلام عالمية عبرنا من خلالها عن العديد من القضايا".

وسبق لمشجع الأفريقي أن باع حذاءه للمساهمة بإعداد "تيفو" إحدى المباريات، قائلا بهذا الخصوص "كل ما نملكه على ذمة المجموعة، وفاؤنا لنادينا لا يقدر بثمن حتى وإن كلفنا ذلك التفريط في أمتعتنا".

وتتراوح تكاليف "التيفو" بين 12 و35 ألف دينار (بين 4 و13 ألف دولار تقريبا) غير أن كل التمويلات ذاتية ومن أعضاء المجموعة نفسها ومن مداخيل انخراطات الأعضاء وبيع منتجات عليها شعار المجموعة مثل الأقمصة والقبعات والتحف، بحسب نزار البركاتي أحد أعضاء الليدرز.

ويرى نزار أن "النتائج على الميدان هي آخر اهتمامات مجموعتنا التي تعبر من خلال تلك اللوحات الإبداعية عن تعلقها بفريقها مهما كانت وضعيته ونتائجه وهو ما قمنا به في إحدى المباريات بتيفو "أوفياء العاصمة" كنوع من الولاء الدائم". 

المصدر : الجزيرة