مساع سعودية للسيطرة على الرياضة المصرية

مراقبون يرون أن شراء تركي آل الشيخ لناد مصري يأتي في سياق سعيه للسيطرة على الرياضة المصرية صور نشرها آل الشيخ على صفحته الرسمية له مع مجدي عبد الغني وحسام البدري بالتزامن مع الإعلان عن بيع نادي الأسيوطي والتجميع خاص للجزيرة نت
تقارير صحفية تحدثت عن نية تركي آل الشيخ الاستعانة بمجدي عبد الغني وحسام البدري بعد شراء نادي الأسيوطي (مواقع التواصل)
عبد الرحمن محمد-القاهرة
 
بعد إعلان رئيس نادي "الأسيوطي" المصري محمود الأسيوطي بيع فريقه بشكل رسمي وتغيير اسمه إلى نادي الأهرام لكرة القدم وتأكيد تقارير صحفية أن طرف الصفقة الآخر مستثمرون سعوديون -على رأسهم رئيس الهيئة العامة للرياضة السعودية تركي آل الشيخ- ثارت تساؤلات بشأن دوافع هذه الصفقة وأهدافها الحقيقية.

وقال مجلس إدارة النادي في بيان رسمي إنه توصل لاتفاق نهائي مع الشركة التي تقدمت بطلب لشراء فريق الكرة المشارك في الدوري المصري الممتاز مع تغيير اسمه من "الأسيوطي سبورت" إلى "الأهرام لكرة القدم"، معربا عن أمنياته بأن يزيد ذلك قيمة الدوري الحالية ويكون خير سلف لفريق الأسيوطي.

ورغم أنه لم يتم الإعلان بشكل رسمي عن اسم مالك النادي الجديد فإن إعلاميين ورياضيين إضافة إلى تقارير صحفية أكدوا أن تركي آل الشيخ هو الذي عقد الصفقة لصالح شركة "صلة" السعودية بقيمة خمسمئة مليون جنيه (28 مليون دولار).

وكشفت التقارير عن أن آل الشيخ عقد اتفاقا مع عضو مجلس إدارة اتحاد الكرة المصري مجدي عبد الغني لتولي رئاسة النادي، واتفاقا آخر مع المدير الفني السابق للنادي الأهلي حسام البدري لتولي تدريب الفريق الموسم المقبل، إضافة إلى شراء عدد من اللاعبين الذين كانوا محل تنافس بين ناديي الأهلي والزمالك.

خطة بديلة
ويرى مراقبون أن هذه الصفقة هي بمثابة "خطة بديلة" لآل الشيخ بعد فشل محاولته للسيطرة على أحد مسارات القوة الناعمة في مصر عبر الرئاسة الشرفية للأهلي أحد قطبي الكرة المصرية، لكنه اصطدم مع إدارة النادي وجماهيره ليعلن بعدها الاعتذار عن الرئاسة الشرفية وتتصاعد أزمته مع النادي ويدخل في نزاع قضائي مع إدارته.

وبالتزامن مع أنباء هذه الصفقة حذر فرج عامر رئيس لجنة الشباب والرياضة في البرلمان المصري ورئيس نادي سموحة الرياضي من "المصير الذي ينتظر الأندية المصرية بعد تدخل عدد من الأثرياء في الرياضة بمصر"، متسائلا في بيان نشره بموقع فيسبوك عن الغرض من محاولات السيطرة على الرياضة المصرية، خاصة كرة القدم.

وفي هذا السياق، يشير الناقد الرياضي أحمد سعد إلى أن بيع الأندية وشراءها أمر طبيعي ولا مشكلة معه طالما حدث في دول مستقرة الأوضاع وبشفافية حقيقية، لكن الأمر يختلف في مصر كونها تشهد واقعا اقتصاديا مترديا وتغيب فيها الشفافية اللازمة لمثل هذا الاستثمار.

 ثم إن هذا الواقع -حسب حديث سعد للجزيرة نت– يدفع المراقبين والمحللين إلى التشكيك في النوايا الدافعة لمثل هذه الصفقة، خاصة أن من يقف خلفها (السعودية) معروف بأدواره المشبوهة في التعاطي مع الواقع المصري منذ الانقلاب العسكري، وله سوابق مختلفة في السعي للتأثير في الشأن المصري والسيطرة عليه.

مجلس إدارة نادي الأسيوطي أعلن بيع فريق الكرة المشارك في الدوري الممتاز مع تغيير اسمه إلى الأهرام(مواقع التواصل الاجتماعي)
مجلس إدارة نادي الأسيوطي أعلن بيع فريق الكرة المشارك في الدوري الممتاز مع تغيير اسمه إلى الأهرام(مواقع التواصل الاجتماعي)

إحداث فتنة
ويرى الناقد الرياضي أن من أهداف الصفقة "إحداث فتنة" في القطاع الرياضي المصري وتفتيت الجماهير المصرية، معتبرا أن ذلك يتوافق مع مصالح النظام القائم الذي يسعى إلى إضعاف أي تكتلات منظمة وقوية والذي بدأ مساعيه تلك بدفع روابط مشجعي الأندية الكبرى لإعلان إيقاف نشاطها خلال الفترة الماضية.

ويرى أن تأثير هذه الصفقة على الرياضة بمصر "سلبي"، وأنه ستكون لها تداعيات مستقبلية سيئة على القطاع الرياضي بمصر، مشيرا في هذا السياق إلى ما أحدثته علاقة آل الشيخ بالنادي الأهلي وما تمخضت عنه هذه العلاقة من أزمات كبيرة أحدثت شرخا في واقعه الإداري والفني تحاول إدارته تداركه وعلاجه.

ويختلف مع ما ذهب إليه سعد الخبير في التشريعات الرياضية محمد عباس، حيث يرى أن تأثير هذه الصفقة على الرياضة بمصر "إيجابي وجيد"، فالعمل على إيجاد منافسين أقوياء للأندية الكبرى في الدوري المصري سيعود بالفائدة والنفع على الرياضة المصرية بشكل عام بغض النظر عن الأهداف الدافعة إلى مثل هذه الصفقة.

ويشير عباس في حديثه للجزيرة نت إلى أن قانون الرياضة الجديد هو من فتح الطريق أمام الاستثمار في الأندية المصرية، معتبرا صفقة بيع نادي الأسيوطي لشركة سعودية أمرا بالغ الأهمية كونها من أكبر الصفقات التي أجريت في تاريخ الأندية المصرية، ولما لآل الشيخ من علاقة قوية بها.

الرياضة ستستفيد
ويضيف خبير التشريعات الرياضية أنه بالانطلاق من وجهة نظر استثمارية بعيدا عن المساحة العاطفية فإن ما تتناوله تقارير إعلامية مختلفة عن مساع لجهات استثمارية عربية وأجنبية لشراء أندية مصرية أخرى كما حدث مع النادي الأسيوطي هو أمر مفيد للملف الرياضي المصري، ويساعد في استجلاب استثمارات كبيرة تصب في صالح الدولة.

ويستبعد عباس أن تؤدي مثل هذه الصفقات إلى تحقيق رغبات خارجية بالسيطرة على الرياضة في مصر أو التأثير السلبي على شعبية أندية كبرى كالأهلي والزمالك، مشيرا في هذا السياق إلى أن مجرد الإنفاق ببذخ على أندية لا تملك رصيدا شعبيا لن يجعل منها منافسا حقيقيا لهذه الأندية.

أما الصحفي الرياضي حسن علي فيرى أن الدافع الحقيقي لعقد آل الشيخ هذه الصفقة هو فشله في تحقيق غرضه الذي كان يستهدف به اختراق القطاع الرياضي بمصر وهو السيطرة على ناديي القمة الأهلي والزمالك، وبالتالي هو يسعى من خلال شراء ناد بالدوري الممتاز إلى التأثير على هذه الأندية وإضعافها.

ولفت في حديثه للجزيرة نت إلى وجود العديد من الشواهد على سعي آل الشيخ للسيطرة على المشهد الرياضي بمصر، ومن ذلك تعاطيه مع رئاسته الشرفية للنادي الأهلي والتي انتهت بأزمة مع إدارته، وتدخله في العديد من الصفقات لأندية مختلفة، وتوسعه في استجلاب لاعبين مصريين للدوري السعودي بصورة غير مسبوقة.

المصدر : الجزيرة