التلاعب بالمباريات يضرب الدوري المغربي.. الأندية تتبادل الاتهامات والبرلمان يستجوب الوزير

عبد الغني بلوط - عبد الغني بلوط/ من مباراة الكوكب المراكشي أمام يوسفية برشيد، المثيرة للجدل/ المغرب/ مراكش/ الملعب الكبير لمراكش - جدل في المغرب حول التلاعب بمباريات الدوري الاحترافي لكرة القدم
صراع على الكرة في مباراة الكوكب المراكشي ويوسفية برشيد التي أثارت المشاكل (الجزيرة)

عبد الغني بلوط-مراكش

انتهت مباراة حاسمة في الدوري المغربي لكرة القدم بفوز عريض للكوكب المراكشي على يوسفية برشيد أبعدته مؤقتا عن منطقة الهبوط للقسم الثاني، لكن مع نهايتها بدأ الجدل دون أن يتوقف بشأن نتيجتها بين الجماهير وفي وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي إلى أن وصل للبرلمان.

وتقدم فريق المغرب التطواني المتضرر من النتيجة بشكوى إلى الاتحاد المغربي لكرة القدم يطالب فيها بفتح تحقيق ويتهم أطرافا بتسهيل مأمورية فريق منافس للبقاء في الدوري على حسابه بعد أن بات يحتل المرتبة قبل الأخيرة على بعد جولتين من نهاية الموسم.

واشتكى النادي من الأخطاء التحكيمية، وأيضا من برمجة مقابلة سابقة للكوكب المراكشي ضد نهضة بركان بعد ثلاثة أيام فقط من خوض الأخير مباراة رسمية ببطولة الكونفدرالية الأفريقية، وكاد فيها الفريق المراكشي أن يظفر بثلاث نقاط خارج الميدان لولا أن تلقى هدفا في الدقيقة الأخيرة من صاحب الملعب المنهك.

وضاعف شكوكه تداول نتيجة المباراة في مواقع التواصل الاجتماعي قبل بدايتها، كما أن شركة للرهان الرياضي حذفتها من برنامجها تفاديا لأي خسارة مالية من جانبها، وعزز الشكوك تصريحات مثيرة للاعب سابق ليوسفية برشيد في حوار تلفزيوني يثير الريبة في الطريقة التي سجلت بها الأهداف.

ورد الكوكب المراكشي المتهم الأول في القضية بشكوى مماثلة، مطالبا أيضا بفتح تحقيق في جميع مباريات المغرب التطواني هذه السنة وفي السنوات الماضية.

وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي من محبي الفريق أهدافا لتطوان سجلت بطريقة تبدو سهلة.

حكاية كل موسم
ويأسف رئيس الرابطة المغربية للصحافة الرياضية عبد اللطيف المتوكل في تصريح للجزيرة نت لما يقال، ويشير إلى أنه "مع كل نهاية موسم نسمع عن التلاعب، ليس فقط في القسم الأول ولكن في جميع الأقسام، دون أن يجرؤ أي أحد على تقديم شكوى إلى القضاء".

بدوره، يقول المحلل الرياضي حسن مؤمن للجزيرة نت "لا يوجد دخان بدون نار"، كما "أن المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته"، مبينا أن المتضرر من إثارة مثل هذه المواضيع هو سمعة كرة القدم المغربية.

أما رئيس الكوكب المراكشي فؤاد الورزازي فلا يرى مبدئيا أي مانع في فتح تحقيق في نتيجة المباراة، وقال للجزيرة نت إنه من المؤسف سعي البعض إلى تحطيم معنويات اللاعبين في فترة دقيقة من الموسم، في الوقت الذي يعاني الفريق من صعوبات مالية (تجميد حسابه البنكي وحجز حافلته).

تصعيد القضية للبرلمان
والتقط أربعة برلمانيين من الأغلبية والمعارضة الجدل الدائر، ووجهوا استجوابا كتابيا إلى وزير الشباب الرياضة الذي حولها بدوره إلى الجامعة التي وضعت القضية على طاولة لجنة الأخلاقيات لديها.

وقال البرلماني عن الأصالة والمعاصرة (معارض) نور الدين الهروشي للجزيرة نت إن مسؤوليته الانتخابية دفعته إلى تقديم استجواب كتابي، معتمدا على ما راج في وسائل الإعلام من قبل محللين رياضيين، وأيضا التصريح المثير للاعب السابق ليوسفية برشيد.

وفضل وزير الشباب والرياضة المغربي رشيد الطالبي العالمي عدم التعليق، مشيرا للجزيرة نت إلى أن الجامعة هي المتخصصة في هذا المجال.

وسبق لبرلماني من الاستقلال (معارض) أن طرح سؤالا مماثلا في نفس الفترة من الموسم، وأجاب الوزير بأن الجامعة تتحرى في كل القضايا المرتبطة بهذا الموضوع للوقوف على صحة خبر الإشاعة من عدمه.

لجنة الأخلاقيات
وتثار القضية في كل موسم، إلا أنه نادرا ما تستطيع لجنة الأخلاقيات ضبط حالات الغش والتلاعب، كما أنه رغم مطالبة المتتبعين اتحاد اللعبة بتحويل مثل هذه القضايا إلى القضاء لكنه لا يفعل ذلك.

وتلجأ لجنة الأخلاقيات إلى الفصل 75 من القانون التأديبي والذي ينص على إذا ما تبث أي تلاعب يعاقب المعني بالأمر بالتوقيف لمدة ثلاث سنوات وإنزال الفريق إلى القسم الموالي وغرامات مالية، ويصل إلى التوقيف مدى الحياة في حالة العودة أو في الحالات الخطيرة.

وفي حالات اعتمدت على تسجيلات صوتية وأوقعت عقوبات، لكن ذلك لا يكون متاحا في كل قضية، كما يمنح القانون الاعتماد على لقطات الفيديو يبدو أمرها غير مجد لصعوبة التفريق بين الخطأ والتهاون.

صعوبة الإثبات
ويوضح حسن مؤمن "من الصعب أن تبرهن على التلاعب في مباراة إلا باعترافات مباشرة أو دلائل قاطعة"، في حين يشير المتوكل إلى أن الحكم ومندوب المباراة وحدهما من يستطيعان إثارة الشك من خلال تقريرهما، كما يمكن للحكم وحده أن يوقف المباراة إذا تبين له أي تهاون من أي فريق، وهذا الأمر لا يحدث إلا نادرا إن لم نقل لا يحدث مطلقا.

وعن نتيجة مباراة الكوكب المراكشي، يقول مؤمن "في كرة القدم لا يمكن أن تتوقع أي شيء، فعدد من النتائج في الدوري المغربي تبدو محيرة، وقد لا تقترن بأي استحقاق حقيقي".

ويضيف أن هذه صعوبة إثبات حالة التلاعب موجودة أيضا في مستويات عالية من الممارسة نظرا لطبيعة اللعبة ذاتها، مشيرا إلى ما تعرضت له منتخبات عربية في منافسات للمونديال، دون أن تكون هناك لجان تحقيق دليل ولا اتخاذ أي عقوبات.

ويقترح البعض وضع حوافز مالية بالنسبة للأندية التي لم يعد لها أمل في المنافسة، ويصادف -حسب مؤمن- ضعف تلك الحوافز أمام ميزانية الأندية، وأيضا عدم وجود نظام يسمح لهذه الأندية بالمشاركة أكثر في دوريات خارجية.

وتوجه أيضا أصابع الاتهام إلى لجنة وضع جدول المباريات التي لم يعد مقبولا منها -حسب المتوكل- أن تغير في كل مرة جدولة مباريات تبدو في صالح أندية دون أخرى، في حين يقول مؤمن إن مصلحة الأندية المنافسة على الألقاب القارية قد تتطلب ذلك.

وفي سياق متصل، طالب نادي المغرب التطواني بتكافؤ الفرص، وبرمجة جميع مباريات الجولتين الأخيرتين من الدوري 29 و30 في توقيت واحد، وهو ما يبدو أنه استجابت له الجامعة وحددت يوم 4 يونيو/حزيران موعدا لمباريات حاسمة، دون أن ينهي ذلك الجدل بشأن التلاعب في المباريات. 

المصدر : الجزيرة