تونس بلا ملاعب وشبح الإصابات يطارد اللاعبين

ملعب رادس أكبر ملاعب تونس مغلق للصيانة

مجدي السعيدي-تونس

تحولت أزمة البحث عن ملعب لاحتضان مباراة "ديربي" العاصمة تونس بين الترجي والأفريقي إلى قضية لا تزال تسيل الكثير من الحبر وتفرز جدلا متصاعدا بشأن تردي حالة الملاعب والمنشآت الرياضية في تونس.

وقبل ساعات من المباراة المقررة اليوم الأحد ضمن الأسبوع الـ11 من الدوري اعتبرت الأوساط الكروية أن عجز اتحاد الكرة عن إيجاد ملعب يحتضن مباراة الجارين جاء ليفضح تدهور حالة ملاعب الكرة وليسقط ورقة التوت عن انعدام أدنى المواصفات المطلوبة لصلاحية الملاعب.

وبدأت قضية "ديربي العاصمة" تتفاعل عندما أعلنت إدارة ملعب رادس -الذي كان من المفترض أن يحتضن اللقاء- عن إغلاقه لإجراء أشغال صيانة وإعادة وضع العشب، مما اضطر اتحاد الكرة إلى برمجة المباراة في ملعب المنزه الذي يشهد بدوره أشغال صيانة ولا يمكن أن تتجاوز طاقة استيعابه من الجماهير خمسة آلاف متفرج.

ورفضت إدارة الترجي إقامة المباراة في معلب المنزه قبل أن يقرر الاتحاد نقل اللقاء إلى ملعب المنستير (180 كيلومترا عن العاصمة) في سابقة تاريخية فجرت موجة من الغضب في الأوساط الكروية باعتبار أن "الديربي" لم يبرح ملاعب العاصمة منذ قرابة مئة عام.

وأجمعت الصحف التونسية على أن ما حدث طوال الأسبوع كان مؤشرا واضحا على الإخفاق الذريع للسلطات في التعامل مع ملف صيانة المنشآت الرياضية والحفاظ على سلامتها.

واعتبرت صحيفة الشروق الصادرة أمس السبت أن "ديربي العاصمة" تحول إلى عاصفة هبت رياحها القوية على اتحاد الكرة ووزارة الرياضة، مشيرة في مقال نقدي لاذع إلى أن السلطات باتت مطالبة بمحاسبة الأطراف التي كانت سببا في إغلاق ثلاثة ملاعب بالعاصمة تونس هي "الشاذلي زويتن" والمنزه ورادس.

بدورها، قالت صحيفة "الصحافة" إن إدارة الحي الأولمبي برادس هي المسؤولة عن "فوضى الديربي" بعد أن أخضعت الملعب للأشغال في وقت تشهد رزنامة الأندية مواعيد متلاحقة محليا وقاريا".

مباراة بملعب قابس بين الملعب القابسي والترجي التونسي (الجزيرة)
مباراة بملعب قابس بين الملعب القابسي والترجي التونسي (الجزيرة)

وكانت وزارة الرياضة أعلنت منذ أسبوعين عن إغلاق ملعب رادس الأولمبي للشروع في عملية صيانة عشب، مما وضع فريقي الترجي والنادي الأفريقي في أزمة البحث عن ملاعب احتضان مقابلاتهما بالدوري ودوري أبطال أفريقيا، خاصة أن ملعب "المنزه" الذي يعد خيارا ثانيا يشهد بدوره أشغال تحسينات وترميم المدرجات.

وردا على الانتقادات التي طالت السلطات، قال مدير الحي الأولمبي برادس عادل زرمديني إن تراكم المباريات التي يحتضنها الملعب يقف وراء تردي حالة العشب، وإن الوضعية الحالية لا تسمح بإجراء أي مقابلة تفاديا لزيادة الوضع سوءا.

وتحدث زرمديني للجزيرة نت عن الوضع الحالي لملعب رادس، مؤكدا أن لجنة من وزارة الرياضة واتحاد الكرة وإدارة الحي الأولمبي مع موفدين من الترجي والأفريقي زارت ظهر أمس الملعب وتوصلت إلى استحالة إقامة المباريات داخله قبل فبراير/شباط المقبل.

وتشكو جل ملاعب الكرة بتونس من تردي حالتها، مما تسبب في تفاقم إصابات اللاعبين وإجبار عدد منهم على اعتزال الكرة مبكرا.

وقال أمين بن عمر لاعب النجم الساحلي للجزيرة نت "كنت ضحية إصابة لعينة في ملعب المتلوي (جنوب) خلال مباراة لحساب الدوري، لا بد من صيانة أرضية الملاعب التي باتت تشكل كابوسا حقيقيا يهدد اللاعبين والمدربين على حد سواء".

بدوره، يرى عماد المنياوي لاعب الأفريقي السابق ونجم المتلوي حاليا أن من أكثر أسباب إصابات اللاعبين على مستوى الرباط الصليبي هي سوء حالة الميادين، وقال إن "أغلب ملاعب الكرة بتونس غير صالحة لممارسة كرة القدم وتظل في حاجة ماسة إلى الصيانة لضمان سلامة اللاعبين".

ملعب رادس الأولمبي يتسع لأكثر من ستين ألف متفرج ويحتضن منذ 2001 مباريات منتخب تونس وفريقي النادي الأفريقي والترجي (الجزيرة)
ملعب رادس الأولمبي يتسع لأكثر من ستين ألف متفرج ويحتضن منذ 2001 مباريات منتخب تونس وفريقي النادي الأفريقي والترجي (الجزيرة)

من جهته، اعتبر مدرب نجم المتلوي عفوان الغربي أن حالة الملاعب تعد إحدى النقاط السوداء للكرة التونسية وسببا رئيسا في عدم تطور مستوى الدوري.

وقال الغربي للجزيرة نت "فقدت خدمات أكثر من لاعب مهم بسبب تعرضهم لإصابات جراء سوء حالة الميادين، كما كنا نجبر على خوض المباريات خارج ملعبنا الذي يخضع لأشغال الصيانة، المنشآت الرياضية بتونس في حالة يرثى لها وإعادة النظر في صلاحيتها بات أمرا ضروريا".

وتردت وضعية أغلب ملاعب تونس وتخضع حاليا لأشغال صيانة تتفاوت مدتها وتختلف دوافعها، مثل ملاعب بنزرت وباجة (شمال) والقيروان (وسط) والمتلوي وقابس وجرجيس (جنوب).

أما ملعبا العاصمة تونس -وهما رادس الذي تم تدشينه عام 2001 والمنزه الذي أنشئ عام 1967- فتم إغلاقهما لإجراء أشغال الصيانة، في حين تحول "الشاذلي زويتن" ثالث ملاعب العاصمة إلى ما يشبه "مدينة الأشباح" بعد قرار السلطات إغلاقه منذ 2006 لأسباب غير معلومة.

المصدر : الجزيرة