الشغب.. آفة مزمنة بملاعب المغرب

مشهد من المواجهات التي قامت بين أنصار فريق الرجاء البيضاوي في المباراة التي جمعته بفريق شباب الريف الحسيمي ـ الجزيرة نت
مشهد من مواجهات سابقة خلال مباراة الرجاء البيضاوي وشباب الريف الحسيمي (الجزيرة نت)

الحسن أبو يحيى-الرباط

يعتقد مهتمون بالشأن الرياضي بالمغرب أن شغب الملاعب أصبح سلوكا ملازما للمشهد الرياضي وبات امتدادا لمظاهر العنف في المجتمع التي لا يمكن مواجهتها إلا بتأهيل وتطوير القوانين المنظمة، وإطلاق برامج بعيدة الأمد تستهدف الجماهير الرياضية.

وعادت ظاهرة الشغب لتطفو من جديد إلى السطح إثر اندلاع مواجهات على مدرجات ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، حيث اضطر الحكم إلى وقف المباراة التي جمعت مؤخرا نادي الوداد الرياضي مع نهضة بركان في الدقيقة 68 بعد مناوشات نتجت عن تدخل قوات الأمن لمنع بعض أنصار فريق الوداد من إشعال الشهب الاصطناعية.

ويرى رئيس نادي الشباب الرياضي بمدينة الدار البيضاء عبد اللطيف الناصري أن شغب الملاعب هو امتداد للعنف الذي أصبح مستشريا في المجتمع "فنحن نرى كل يوم مظاهره في الشارع العام، وفي المدرسة، وفي وسائل النقل العام، وفي الأسرة أيضا".

وقال الناصري للجزيرة نت إن الشغب أصبح سلوكا بنيويا، وظاهرة مزمنة تلازم الرياضة المغربية منذ سنوات، وأصبح الاستثناء هو خلو التظاهرات الرياضية من الشغب المادي والمعنوي.

وهو ما ذهب إليه الباحث في السياسات الرياضية منصف اليازغي الذي قال للجزيرة نت إنه من الصعب التسليم بفك الارتباط مع ظاهرة العنف في الملاعب الرياضية، إذ ما زلنا نعيش بين الفينة والأخرى لحظات شغب درامية ومشاهد عنف مستفزة.

ويعتقد اليازغي أن من أهم أسباب الظاهرة غياب التفعيل الحقيقي لبعض مقتضيات القوانين المنظمة، ومن أهمها إحداث اللجنة الوطنية لمكافحة الشغب، التي من المفترض أن تشرف عليها وزارة الداخلية بمشاركة باقي الأطراف المعنية.

أحد ضحايا العنف الكروي (الجزيرة نت)
أحد ضحايا العنف الكروي (الجزيرة نت)

وبغض النظر عن الخطوات المحتشمة للجامعة الملكية لكرة القدم -يقول اليازغي- فإنه من المستغرب عدم إثارة الانتباه إلى مسؤولية المنظمين في ما يتعلق ببعض أحداث الشغب التي قد تندلع بسبب سوء التنظيم، وهو ما يعاقب عليه القانون بنصوص تحمّل في بعض الأحيان الجهة المنظمة المسؤولية الجنائية.

بدوره، اعتبر الصحفي الرياضي محمد الروحلي أن التصدي للشغب في الملاعب يمر عبر تفعيل القرارات وتنزيل الإجراءات المقررة بدل إشهارها وتجميدها "فقد سمعنا أكثر من مرة عن قرارات منع القاصرين من الولوج إلى المباريات لكننا نجدهم يملؤون مدرجات الملاعب، كما سمعنا عن قرار تزويد الملاعب بكاميرات للمراقبة دون أن يتم ذلك".

غير أن يونس (24 سنة) وهو أحد مشجعي فريق الوداد البيضاوي، قال للجزيرة نت إن طريقة تدخل الأمن تكون في كثير من الأحيان سببا في اندلاع المواجهات بعيدا عن نتيجة المباراة.

ومن وجهة نظر الناصري فإن حل هذه المعضلة لا يقتصر على الزاوية الأمنية أو الزجرية، بل يحتاج إلى إطلاق برامج بعيدة الأمد للتوعية والتأطير في أوساط الجماهير، مع مواصلة تأهيل المنشآت الرياضية، وإشراك كافة المتدخلين دون إقصاء.
 
من جانب آخر، يرى اليازغي أنه من المهم الاعتراف بأنه جرى اتخاذ خطوات هامة بخصوص مكافحة الشغب من أبرزها قرار وزارة الداخلية تجميد عمل روابط "الألتراس" باعتبارها هيئات غير قانونية كانت توفر الغطاء لرواد الشغب وتغذي مظاهر العنف في الملاعب دون أن يعني ذلك عدم وجود روابط "ألتراس" قدمت نموذجا يحتذى به.
 
ودعا اليازغي إلى الكف عن حملات التوعية لأنها لم تعد كافية "فالمرحلة القادمة تحتاج إلى الصرامة وتطوير القوانين المنظمة للشأن الرياضي وعلى رأسها قانون مكافحة الشغب الذي يحتاج إلى تفعيل حقيقي وتعديل بنوده وتطويرها".

المصدر : الجزيرة